"وفاء عمي عبد السلام وذكرى ليلى الغالية" 





كان عمي عبد السلام، رجل مسن يعشق البحر والحياة البسيطة. كل صباح كيخرج من الدار ديالو، كيحط القفة على كتفو وكيهز الصنارة ديالو ويمشي للسوق باش يبيع الحوت اللي اصطاد في الفجر. كان معروف فالحي بأنه إنسان طيب وحنين، وكان الناس ديما كيعاملوه بالاحترام والتقدير.

عمي عبد السلام عندو عادة خاصة كيخليهاش، فكل مرة كيخرج من السوق، كيمشي لزنقة معينة قريبة من دارو، وكان داك الشارع فيه قطة صغيرة بيضاء اللون، سميتها "ليلى". القطة كانت حنينة وباغية الناس، ولكن كانت عندها علاقة خاصة مع عمي عبد السلام. كان فكل مرة كيمشي من داك الشارع، كيتوقف ويخرج شي قطعة صغيرة من الحوت ويعطيها لليلى، وكانت هي كتفرح وتشعل عينها كأنه عطاها كنز.

الأيام كانت كتدور، وكلما شافها كاتسناه في نفس المكان، كيزيد تعلق بيها. كان كيقولها: "ليلى، انتي اللي كترفقيني فهاد الدنيا، من نهار توفات مرتي وانا بوحدي، ولكن انتيا بحال بنتي". وكأن القطة كاتفهمو، كتحرك راسها وتبقى تلعق يدو بحنان.

نهار من الأيام، عمي عبد السلام كالعادة خرج من السوق، ومشى للزنقة باش يشوف ليلى ويعطيها شوية الحوت. ولكن، ملي وصل لمكانها المعتاد، ما لقاهاش. فكر أنها يمكن مشات تلعب أو تجري حتال مكان آخر، ولكن فشي حاجة داخلو قالت ليه أن هادشي ماشي عادي.

دار فكل الحي، كينادي عليها بصوت واعر: "ليلى، فين راكي؟"، ولكن ما كان حتى رد. قلق، وسولو الناس اللي كانوا كيعرفو القطة، شي واحد قاليه أنه سمع البارح ناس كيتكلمو على شي واحد حط سم فالزنقة باش يتخلص من القطط اللي كاتسكن فيها.

السماع ديال هاد الخبار كان كالصاعقة على عمي عبد السلام. كيفاش شي واحد يدير هاد الفعل الخايب؟ كيفاش يمكن ليه يحرم روح من الحياة بهذه الطريقة البشعة؟ كان كيتمنى يكون داك السم ما وصلش لليلى.

سار بحال المجنون فالحي، يسول كل شي على القطة، ولكن ما كان حتى شي خبر. فاليوم التالي، لقاها ميتة تحت شجرة قريبة من مكانها المعتاد. كانت دايرة جثة صغيرة بلا حركة، وعينيها مغلوقين كأنها كانت ناعسة.

ركع حداها، والدموع سالت من عينيه بلا إرادة. كان حاس بحزن عميق داخلو، بحال اللي فقد شي حد من عائلتو. ليلى ما كانتش مجرد قطة بالنسبة ليه، كانت كترمز للصداقة، للوفاء، وللحياة اللي عاشها بوحدو.

في ذاك اللحظة، حس بشي حاجة تكسرات داخلو. فقدانها خلاه يشعر بأنه كبر وبار، وكأن الحياة ديالو ولات خاوية. شاف السماء وبدا كيهضر مع روح ليلى، كيقول ليها "سمحي ليا ما قدرت نحميك، كنت باغي ليك غير الخير، ولكن الدنيا قاسية".

رجع لدارو، وبقا مدة بلا ما يمشي للسوق، بلا ما يهز الصنارة ديالو، وبلا ما يخرج للزنقة اللي كانت فيها ليلى. كلما تذكرها، كيبكي. الناس في الحي حسو بالحزن اللي كيعيشو، وحاولو يعزيوه، ولكن الألم كان كبير بزاف.

مع الوقت، بدا عمي عبد السلام يتقبل فقدان ليلى، ولكن بقا أثرها في قلبو. كلما شاف شي قطة في الزنقة، كان كيتذكرها وكيتمنى لو كانت مازال حية. وداك الحزن اللي عاشه خلاه يفكر في شي حاجة: أن الحياة قصيرة بزاف، وأن الحب والحنان اللي كان كيعطيه لليلى خاصو يعطيه للناس اللي باقيين فحياتو.

رجع للسوق، وبدا كيعامل الناس بحنان أكبر، كيضحك ويبتسم، وكأنه عاود اكتشف أهمية العشرة والمحبة. بقا في حياتو كيشوف ليلى في كل قطة كيتلاقى بيها، ولكن هاد المرة، تعلم أنه كيعطي الحب بدون ما ينتظر الرد.

عمي عبد السلام بقا في قلوب الناس كرمز للطيبة والوفاء، وكان كل واحد فالحومة اللي كيعرف قصتو مع ليلى، كيتعلم منها درس ديال الحب والصبر على فراق الأحباب. والزنقة اللي كانت كتسكن فيها ليلى بقات حية فالذاكرة ديالو، زنقة صغيرة في قلب الحي، ولكن كبيرة فالأثر اللي خلاته في حياة عمي عبد السلام.

تعليقات