"لعنة السيطرة: نهاية مأساوية لامرأة استبدت بأبنائها" 




كانت فاطمة، امرأة كبيرة في السن، تعيش في قرية صغيرة منعزلة على أطراف الجبال. منذ صغرها، عُرفت فاطمة بشخصيتها القوية وقدرتها على فرض إرادتها على من حولها. لم تكن تترك أي قرار لأبنائها دون تدخلها، وكان رأيها بالنسبة لهم بمثابة قانون لا يمكن تجاوزه. بمرور الوقت، تحولت فاطمة من أم حنونة إلى امرأة تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في حياة أبنائها.

كان لديها ثلاثة أبناء: أحمد، الابن الأكبر الذي ورث عن أبيه الحرفة الزراعية وكان يعمل بجد ليل نهار؛ سعيد، الابن الأوسط الذي كان يحلم بالانتقال إلى المدينة لبدء حياة جديدة؛ وأخيرًا ليلى، الابنة الصغرى التي كانت ترغب في الزواج من شاب تحبه. كل واحد من هؤلاء الأبناء كان يحمل حلمًا مختلفًا، لكن فاطمة كانت ترى أن لها الحق في أن تقرر عنهم كيف يجب أن يعيشوا حياتهم.

أحمد كان يريد أن يتزوج من فتاة يحبها منذ سنوات، لكن فاطمة رفضت ذلك بشدة لأنها كانت ترى أن هذه الفتاة ليست مناسبة له. رفض أحمد الانصياع لرغبة أمه، فقررت فاطمة أن تستخدم شيئًا آخر لإجباره على تغيير رأيه. كانت معروفة في القرية بأنها تملك معرفة في السحر، وبالفعل لجأت إلى سحر قوي لتدمير العلاقة بين أحمد وحبيبته. لم تمر أيام حتى بدأت الأمور تسوء بينهما بشكل غامض، وانتهت العلاقة بعد سلسلة من المشاكل التي لا يمكن تفسيرها.

سعيد كان دائماً يحلم بالخروج من قريته الصغيرة ليعيش في المدينة حيث الفرص والتعليم والحياة الحديثة. كان يسعى جاهداً لتحقيق حلمه، لكن فاطمة كانت ترى أن مكانه هو البقاء في القرية لمساعدتها في تدبير الأمور اليومية. عندما أخبرها سعيد عن خطته للانتقال إلى المدينة، رفضت بشكل قاطع وأخبرته أنه لن ينجح أبداً إذا غادر. عندما أصر على موقفه، لجأت فاطمة مرة أخرى للسحر. بعد فترة قصيرة من مغادرته إلى المدينة، بدأت سلسلة من المصائب تتوالى عليه؛ فقد وظيفته، وتعرض لعدة مشاكل صحية، واضطر للعودة إلى القرية خائب الأمل.

أما ليلى، فقد كانت الأقرب إلى قلب أمها، لكنها كانت تشعر بثقل سيطرة فاطمة على حياتها. كانت تحب شاباً من القرية المجاورة، لكن فاطمة رفضت هذا الزواج بحجة أن الشاب لا يليق بعائلتهم. حاولت ليلى إقناع أمها، لكن دون جدوى. وعندما حاولت ليلى التمرد على رغبة أمها والزواج من الشاب الذي تحبه، قامت فاطمة بإلقاء سحرٍ أفسد حياة الشاب وأبعده عن ليلى. بكت ليلى كثيراً، ولكنها لم تستطع مواجهة قوة أمها.

مع مرور السنوات، بدأت فاطمة تشعر بأن الأمور تخرج عن سيطرتها. بدأت القرية تشهد حوادث غريبة؛ المرض ينتشر بين الناس، وتدهور الحظ العام في القرية. بدأ الناس يشكون في أن فاطمة وراء هذه المشاكل، خاصةً مع استمرار استخدامها للسحر للتلاعب بمصائر أبنائها. أبناءها الثلاثة كانوا يعيشون في حالة من الخوف والقلق الدائمين، غير قادرين على الهروب من تأثير والدتهم.

ولكن كما يقول المثل "كما تدين تدان". بدأت فاطمة تعاني من آثار السحر الذي استخدمته لسنوات. صحتها بدأت تتدهور بشكل سريع وغير مفهوم. كانت تعاني من آلام شديدة في كل أنحاء جسدها، وبدأت ترى كوابيس مزعجة ليلًا. كانت تشعر بأن هناك قوة غامضة تلاحقها، لكنها لم تكن تعرف أن هذا كان نتيجة لأفعالها.

بدأت ترى أشباحاً لأشخاص تعرفهم، وأحياناً كانت ترى أولادها في الكوابيس وهم يتعرضون لأذى بسببها. حاولت استخدام المزيد من السحر لحماية نفسها، لكن كلما زادت محاولاتها زادت معاناتها. كانت حالتها تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، حتى أصبحت عاجزة تماماً عن الحركة.

في أحد الليالي، وبعد أن قضت أياماً طويلة في الألم والعذاب، رأت فاطمة رؤية مرعبة. كانت ترى نفسها محاطة بأبناءها الثلاثة، كل واحد منهم يحمل أداة حادة ويقترب منها ببطء. كانت تصرخ طلباً للمغفرة والرحمة، لكنهم كانوا يقتربون أكثر فأكثر حتى أصبحت تشعر ببرودة الموت تحاصرها. استيقظت من هذا الكابوس وهي تصرخ، لكن لم يكن هناك أحد ليسمعها. كانت وحدها في المنزل، والظلام يحيط بها من كل جانب.

في تلك الليلة، حدثت الكارثة. أحد الجيران اكتشف أن بيت فاطمة قد اشتعلت فيه النار فجأة. هرع الناس لإنقاذها، لكنهم وجدوا أن النيران قد التهمت معظم البيت، وفاطمة لم تعد تستطيع الحركة من شدة المرض. حاولوا إنقاذها، لكن الأوان كان قد فات. ماتت فاطمة وسط النيران، في موتة شنيعة لم يتوقعها أحد، وكأن القدر قرر أن يعاقبها على كل ما فعلته.

عندما انتهت النيران، بقيت القرية في صدمة. لم يكن أحد يتوقع أن تكون نهاية فاطمة بهذا الشكل المأساوي. ولكن أبناءها كانوا يعلمون في قرارة أنفسهم أن هذا كان جزاءً عادلاً لما فعلته بهم وبالآخرين. وبعد موتها، بدأت حياتهم تتحسن بشكل غريب. المصائب التي كانوا يعانون منها بدأت تختفي، وكأن الظل الثقيل الذي كانت تلقيه فاطمة على حياتهم قد زال أخيراً.

قصة فاطمة أصبحت درساً يتداول في القرية لسنوات طويلة. كانت تذكر الناس بأن السيطرة والقسوة لن تؤدي إلا إلى الهلاك، وأن من يلجأ للشر لتدمير حياة الآخرين، سيجد نفسه في النهاية محاصراً بالشر الذي صنعه بيديه.

تعليقات