"رباط الوفاء: الغزالة التي أنقذت حياة المزارع" 




في قلب الغابة الخضراء، كانت تعيش غزالة رشيقة وجميلة تُدعى لمياء. كانت لمياء معروفة بين جميع الحيوانات برقتها وخجلها، لكنها كانت تمتلك قلبًا شجاعًا. كانت تعيش مع عائلتها من الغزلان الصغيرة، وكانوا يقتاتون من النباتات والأعشاب المنتشرة في أرجاء الغابة. ولكن لمياء كانت تملك عادة غريبة جعلتها مميزة بين الغزلان؛ كانت تزور كل يوم مزرعة صغيرة تقع على أطراف الغابة.

صاحب المزرعة كان رجلاً طيبًا يدعى عمي سعيد. كان يعيش وحيدًا منذ سنوات بعد أن فقد زوجته، وكان يقضي أيامه في العمل بين الحقول والاعتناء بحيواناته. كان عمي سعيد رجلاً بسيطًا ومتواضعًا، معروفًا في القرية بحبه للحيوانات واهتمامه بها. كان يرى في الغزلان التي تزور مزرعته رمزًا للجمال والنقاء، وكان يسعد بزيارتها اليومية.

لمياء، التي كانت تزور المزرعة بانتظام، كانت تشعر بالأمان في وجود عمي سعيد. كانت تتسلل بهدوء إلى الحقول، وتأكل من الأعشاب الطازجة، وتشرب من المياه النقية التي يجلبها من البئر. عمي سعيد كان يراقبها من بعيد بحب واهتمام، ولم يحاول أبدًا إزعاجها أو تخويفها. ومع مرور الوقت، بدأت لمياء تشعر براحة أكبر في الاقتراب منه، حتى أنها كانت تجلس على مسافة قريبة منه وهو يعمل في الحقول.

في أحد الأيام، بينما كانت لمياء تتجول مع أبنائها الصغار في الغابة، وقع أحد أبنائها في فخ نصبه صياد. كان الفخ مميتًا، وبدأ الغزال الصغير يصرخ من الألم. شعرت لمياء بالرعب والخوف على صغيرها، وبدأت تدور حوله بحثًا عن طريقة لإنقاذه. في تلك اللحظة، سمع عمي سعيد صوت الصرخات من بعيد. ترك كل ما كان يفعله وركض نحو مصدر الصوت، ليجد الغزال الصغير محاصرًا في الفخ.

بدون تردد، انحنى عمي سعيد وفتح الفخ بحذر، محاولًا ألا يؤذي الغزال الصغير أكثر. نجح في تحريره، وحمله بين ذراعيه بلطف. كانت لمياء تراقب كل شيء بعينيها الواسعتين، تشعر بالامتنان لهذا الرجل الطيب الذي أنقذ حياة صغيرها. منذ ذلك اليوم، زاد تعلق لمياء بعمي سعيد. لم يكن يمر يوم دون أن تزوره في مزرعته، تجلب معها صغارها وتشعر بالأمان بجانبه.

الأيام مرت، والعلاقة بين لمياء وعمي سعيد أصبحت أقوى. كانت تزوره يوميًا، حتى في الأيام التي كانت فيها الغابة هادئة ولا توجد فيها الكثير من الحيوانات. كانت لمياء تشعر وكأنها تربطها به علاقة خاصة، علاقة لم تكن مجرد حب بين حيوان وإنسان، بل كانت أكثر عمقًا من ذلك.

في أحد الأيام، عندما وصلت لمياء إلى المزرعة كعادتها، شعرت بأن هناك شيئًا مختلفًا. لم تجد عمي سعيد في الحقول كالعادة. اقتربت من المنزل بحذر، وبدأت تشعر بشيء غريب. نظرت من النافذة، فرأت عمي سعيد طريح الفراش، يبدو عليه المرض والتعب الشديد. لم تعرف لمياء ماذا تفعل، لكن قلبها كان مليئًا بالقلق والحزن عليه.

فكرت لمياء في كيفية مساعدة عمي سعيد. لم تكن تعرف كيف يمكنها أن تنقذه، لكنها كانت مصممة على إيجاد طريقة. فجأة، خطرت لها فكرة جريئة. قررت أن تخرج من المزرعة وتجري نحو الطريق الذي يمر بجانب الغابة. كانت تأمل أن تجد أحدًا يمكنه أن يساعد عمي سعيد.

ركضت لمياء بأقصى سرعة، حتى وصلت إلى الطريق. بدأت تقفز وتتحرك بشكل لافت، محاولًة جذب انتباه أي شخص يمر. في تلك اللحظة، مر صياد على دراجته النارية، كان يبحث عن غنيمة للصيد. رأى الصياد لمياء وهي تتحرك بهذه الطريقة الغريبة، فظن أنها فرصة لصيد سهل.

الصياد ترك دراجته وبدأ يركض خلف لمياء. كانت الغزالة تتحرك بسرعة، لكنها لم تهرب باتجاه الغابة كما يفعل الغزلان عادة. بل كانت تتجه نحو المزرعة، محاولة أن تقود الصياد إلى عمي سعيد. كان الصياد يشعر بالدهشة، لكنه استمر في ملاحقتها، معتقدًا أنه سيصطادها في النهاية.

عندما وصلت لمياء إلى المزرعة، توقفت فجأة وبدأت تنظر إلى الصياد. شعر الرجل بالدهشة؛ لماذا لم تهرب؟ ولماذا تتصرف بهذه الطريقة؟ اقترب بحذر، وعندما نظر من نافذة المنزل، رأى عمي سعيد طريح الفراش، يعاني من مرض شديد. أدرك الصياد فورًا أن الغزالة لم تكن تقوده إلى فخ، بل كانت تحاول إنقاذ حياة الرجل.

بدون تردد، دخل الصياد إلى المنزل، ووجد عمي سعيد في حالة حرجة. قام بإعطائه الماء وأسرع في الاتصال بسيارة الإسعاف. لم يكن هناك الكثير من الوقت، لكن الصياد بذل كل ما في وسعه لمساعدته حتى وصلت الإسعاف. نقلوا عمي سعيد إلى المستشفى حيث تلقى العلاج اللازم.

لمياء بقيت تنتظر خارج المنزل، تراقب كل شيء من بعيد. كانت تعلم في داخلها أنها قد فعلت الشيء الصحيح. بعد أيام قليلة، عاد عمي سعيد إلى المزرعة، وقد استعاد صحته. عندما رأى لمياء تنتظره كعادتها، شعر بامتنان عميق نحوها. عرف أن هذه الغزالة الطيبة قد أنقذت حياته.

مرت الأيام، واستمرت لمياء في زيارة عمي سعيد كل يوم. لكن الآن، كان هناك رابط أقوى يجمعهما. لم يكن فقط حبًا بسيطًا بين حيوان وإنسان، بل كان ارتباطًا مبنيًا على الشكر والاحترام. كان عمي سعيد يهتم بلمياء وعائلتها كما لو كانوا جزءًا من عائلته.

أما الصياد، فلم يعد يأتي إلى الغابة بحثًا عن صيد. بدلاً من ذلك، أصبح يزور عمي سعيد من وقت لآخر، يشربان الشاي معًا، ويتحدثان عن الحياة. وقد أدرك الجميع في القرية أن الحيوانات ليست مجرد مخلوقات تعيش في الغابة، بل قد تكون في بعض الأحيان مصدرًا للإنقاذ والحب.

هكذا استمرت الحياة في المزرعة والغابة، حيث كان عمي سعيد و لمياء يعيشان في سلام. كانت لمياء تربي صغارها وتعلمهم الحكمة والشجاعة، كما كانت تحرص دائمًا على زيارة عمي سعيد يوميًا، وكأنها تقول له شكرًا بطريقتها الخاصة.

تعليقات